أبناء الشيخ محمد الخطيب النيدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أبناء الشيخ محمد الخطيب النيدى

منتدى لنشر الصوفية الحقة من الكتاب والسنة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حول كثرة تعريفات التصوف.

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 23
تاريخ التسجيل : 29/10/2009

حول كثرة تعريفات التصوف. Empty
مُساهمةموضوع: حول كثرة تعريفات التصوف.   حول كثرة تعريفات التصوف. Icon_minitimeالسبت أكتوبر 31, 2009 1:01 am

حول كثرة تعريفات التصوف

س : لماذا أكثر الصوفية في تعريفاتهم للتصوف ، وهل اشتقاقه اللغوي من الصوف ؟ وما علاقة الصوف بالزهد والذكر ؟ ولِمَ لَمْ يسموا أنفسهم باسم يدل على خصائصهم ؟
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه. وبعد، فقد كَثُرت التعريفات التي حاولت صياغة المعنى المراد بالتصوف، يقول السهروردي البغدادي (ت 563) : «وأقوال المشايخ في ماهية التصوف تزيد على ألف قول» (1). وقد جمع نيكلسون ثمانية وسبعين تعريفا من مصادر مختلفة(2).
وفي سبب هذا التعدد الهائل من التعريفات يقول نيكلسون : «وكذلك حال الذين يعرضون للتصوف بالتعريف، لا يستطيعون إلا أن يحاولوا التعبير عما أحسته نفوسهم، ولن يكون تعريف مفهوم يضم كل خفية من الشعور الديني المستكن لكل فرد، ما دامت هذه التعريفات، على أية حال، تصور باختصار لائق بعض وجوه التصوف وخصائصه»(3).
ولقد عبر السهروردي بشكل أكثر دقة عن سبب ذلك التعدد في تعريفاته حينما قال : «لأنهم أشاروا فيها إلى أحوال في أوقات دون أوقات ... فقد تذكر أشياء في معنى التصوف ذكر مثلها في معنى الفقر .. وحيث وقع الاشتباه، فلابد من فاصل. فقد تشتبه الإشارات في الفقر بمعنى الزهد تارة وبمعاني التصوف تارة، ولا يتبين للمسترشدين بعضها مع البعض، فنقول : التصوف غير الفقر، والتصوف غير الزهد.
فالتصوف اسم جامع لمعاني الفقر، ومعاني الزهد مع مزيد أوصاف وإضافات لا يكون بدونها الرجل صوفيا وإن كان زاهدا وفقيرا»(4). وما يؤكد ذلك ما مر من عبارة القوم «الصوفي ابن وقته»(5).
كما أن المسئول الواحد عن تعريف التصوف أو الصوفي قد يجيب بغير معنى، انطلاقا من المقام أو الحال الذي يكون غالبا عليه في أثناء الإجابة، أو مراعاة لحال السائل(6). ولذلك اختلفت العبارة، والمعنى المشار إليه واحد، وهو كما قال القائل(7) :
عباراتنا شتى وحسنك واحد وكل إلى ذاك الجمال يشير

الاشتقاق اللغوي للتصوف وعلاقته بالصوف :
وبعد فتصوف : على وزن تَفَعْلَ من الصُوف، قال الفيومي : «الصُّوفُ للضأن و(الصُّوفَةُ) أخصّ منه وكبش (أَصْوَفُ) و (صَائِفٌ) كثير الصوف و(تَصَوَّفَ) الرجل وهو (صُوفِيٌّ) من قوم (صُوفِيَّةٍ)»(Cool.
وجاء في تاج العروس : «وصَوَّفَهُ أَيْضاً : أََبُو حَيٍّ من مُضَرَ وهو الغَوْثُ بنُ مُرِّ بنِ أُدِّ بنِ طابِخَةَ بنِ الياس بنِ مُضَرَ قالَه ابنُ الجَوّانِيِّ في المُقَدِّمَةِ سُمِّيَ صُوفَةُ لأَنَّ أُمَّه جَعَلتْ في رَأْسِهِ صُوفَةً وجَعَلَتْهُ رَبِيطاً للكَعْبَةِ يَخْدُِمُها قالَ الجَوْهَرِيُّ : كانُوا يُخْدُمُونَ الكَعْبَةَ ويُجِيزُونَ الحاجَّ في الجَاهِلِيَّةِ أَي : يُفيضُونَ بِهِمْ زادَ في العُبابِ مِنْ عَرَفات... وفيه : «قالَ أَبو الهَيْثَمِ : يُقال : كَبْشٌ صُوفانٌ ونَعْجَةٌ صُوفانَةٌ. وقالَ غيرُه : الصُّوفانُ : كلُّ من وَلِيَ شيئاً من عَمَلِ البَيْتِ وكذلِك الصُّوفَةُ. وفي الأَساس : وآل صَوْفانَ : كانُوا يَخْدُمونَ الكعبةَ وَيَتَنَسَكُونَ ولَعَلَّ الصُّوفِيّةَ نُسِبَتْ إِليهم تَشْبيهاً بهم في التَّنَسُّكِ والتَّعَبُّدِ أَو إِلى أَهْلِ الصُّفَّةِ فيُقالُ مكان الصُّفِّيَةِ : الصُّوفِيَّةُ بقلبِ إِحْدَى الفائَين واواً للتَّخْفِيفِ أَو إِلى الصُّوفِ الذي هو لِباسُ العُبّادِ وأَهْلِ الصَّوامِعِ»(9).
وجاء في موضع آخر منه : «والصَّفّان : قَرْيةٌ بمِصْرَ، وقد رأَيْتُها، وقَدْ نُسِب إِليها جَماعَةٌ من المُحدِّثِينَ.ويُقال في النِّسْبَةِ إِليها : الصَّفِّيُّ. وأَبو مالكٍ بِشْرُ بنُ الحَسَنِ الصَّفِّيُّ نُسِب إِلى لُزُومِه الصَّفَّ الأَوّلَ خَمْسِينَ سنةً، وهو من رِجالِ النَّسائِيِّ نَقَلَهُ الحافِظُ. والصُّفِّيَّةُ بالضمِّ : هم الصُّوفِيَّة نُسِبُوا إِلى أَهل الصُّفَّة أَشارَ له الزَّمَخْشَرِيّ في ص و ف»(10).
فقد تكون العلاقة بين الصوف والصوفية كونهم اختصوا بلبسه إعراضا عن زينة الدنيا، يقول ابن خلدون : «قلت : والأظهر إن قيل بالاشتقاق أنه من الصوف، وهم في الغالب مختصون بلبسه، لما كانوا عليه من مخالفة الناس في لبس فاخر الثياب إلى لبس الصوف، فلما اختص هؤلاء بمذهب الزهد والانفراد عن الخلق والإقبال على العبادة اختصوا بمواجد مدركة لهم»(11).
وقد يقول قائل : لم يصطلح القوم على اصطلاح يدل على أخلاقهم أو أحوالهم أو مقاماتهم ؟ والجواب أن الصوفي لا يقف عند مقام واحد أو حال واحدة، وإنما هو في طور انتقال دائم. وقد أبان الصوفية أنفسهم عن ذلك بقولهم : «الصوفي ابن وقته»(12).
ويفصل هذا المعنى السراج الطوسي (ت 378) حيث يقول : «فلما كانوا -الصوفية- في الحقيقة كذلك، لم يكونوا مستحقين اسما دون اسم، فلأجل ذلك ما أضفت إليهم حالا دون حال، ولا أضفتهم إلى علم دون علم؛ لأني لو أضفت إليهم في كل وقت حالا هو ما وجدت الأغلب عليهم من الأحوال، والأخلاق، والعلوم، والأعمال، وسميتهم بذلك، لكان يلزم أن أسميهم في كل وقت باسم آخر، وكنت أضيف إليهم في كل وقت حالا دون حال حسب ما يكون الأغلب عليهم، فلما لم يكن ذلك، نسبتها إلى ظاهر اللبسة؛ لأن لبسة الصوف دأب الأنبياء عليهم السلام، وشعار الأولياء والأصفياء . فلما أضفتهم إلى ظاهر اللبسة كان ذلك اسمًا مجملا عامًّا مخبرًا عن جميع العلوم والأعمال والأخلاق والأحوال الشريفة المحمودة...»(13)
كما أن نسبة القوم إلى ما يلبسونه فيه اهتداء بالقرآن الكريم، حيث سَمَّى الله سبحانه وتعالى أتباع عيسى بن مريم عليه السلام بالحواريين؛ إذ أن هذه التسمية مأخوذة من صفة البياض في اللباس، حيث كان أصحاب عيسى عليه السلام وناصروه يتميزون بلبس البياض(14) وهي صفة ثيابهم، يقول السراج الطوسي أيضا: «وكانوا قوما يلبسون البياض، فنسبهم الله إلى ذلك، ولم ينسبهم إلى نوع من العلوم، والأعمال، والأحوال التي كانوا بها مترسمين ...»(15).
يقول الدكتور الشيبي عن هذه العلاقة : «وفي صدر الإسلام، كان الصوف يظهر في بعض المواطن رمزًا للتضحية والمبايعة على الموت في سبيل الله. ذكر ابن سعد : أن النبي صلى الله عليه وسلم، أخبر أصحابه في بداية وقعة بدر أن الله أمدهم بالملائكة ربطًا على قلوبهم. وأن الملائكة نزلت والصوف في نواصي خيلهم فأمرهم صلى الله عليه وسلم بقوله : «إن الملائكة قد سومت فسوموا» فكان أن «أعملوا بالصوف في مغافرهم وقلانسهم»(16) ويتصل بهذا أيضا أن علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، كان في هذا اليوم معلما بصوفة بيضاء» (17).
ولعل بما ذكر يتضح سبب كثرة تعريفات التصوف، وسبب نسبة أهل الطريق والعرفان بالصوفية إلى الصوف والثياب.

والله تعالى أعلى وأعلم.



قائمة المصادر والمراجع:
-------------------------
1- المصباح المنير: ابن علي المقري الفيومي - المطبعة الأميرية ط 7 1928
2- تاج العروس: محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني الملقب بمرتضى الزبيدي - دار الهداية
3- مقدمة ابن خلدون: للعلامة عبد الرحمن بن خلدون ، تحقيق د. حامد أحمد الطاهر ط1 2004 - دار الفجر للتراث.
4- عوارف المعارف: عبد القاهر بن عبد الله السهروردي البغدادي ، ملحق بنهاية الجزء الخامس من إحياء علوم الدين للغزالي- دار الفكر- بيروت
5- اللمع: أبو نصر السراج الطوسي- تحقيق د. عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور دار الكتب الحديثة – القاهرة 1960
6- في التصوف الإسلامي وتاريخه: رينولد نيكلسون – ترجمة أبو العلا عفيفي - مطبعة لجنة التأليف والترجمة – القاهرة 1956
7- تاريخ التصوف الإسلامي من البداية حتى آخر القرن الثاني: د. عبد الرحمن بدوي وكالة المطبوعات – الكويت ط2 1978
8- إيقاظ النائمين: صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي - مؤسسة مطالعات وتحقيقات فرهنكي – طهران 1361هـ



الهوامش:
-----------------
(1) عوارف المعارف ، ص 81.
(2) تاريخ التصوف الإسلامي من البداية حتى نهاية القرن الثاني، ص 15.
(3) نيكلسون، في التصوف الإسلامي وتاريخه، ترجمة أبو العلا عفيفي مطبعة لجنة التأليف والترجمة القاهرة 1956.
(4) عوارف المعارف، للسهرودي ص 79.
(5) عوارف المعارف، ص 80.
(6) من أقوال الجنيد في التصوف على سبيل المثال : " أن تكون مع الله بلا علاقة " اللمع، ص 45. وقوله : " التصوف هو أن يميتك الحق عنك ويحيك به " و " التصوف ذكر مع اجتماع، ووجد مع استماع، وعمل مع أتباع " الرسالة القشيرية، ص 280 .
(7) صدر الدين الشيرازي، إيقاظ النائمين، تقديم وتصحيح : د. محسن مؤيدي، مؤسسة مطالعات وتحقيقات فرهنكي، طهران، 1361، صـ 12..
(Cool المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، لأحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي 1/352 طبعة المكتبة العلمية-بيروت.
(9) تاج العروس، لمرتضى الزبيدي 24/42
(10) نفس المرجع 24/30.
(11) مقدمة ابن خلدون، للعلامة عبد الرحمن بن خلدون، تحقيق د. حامد أحمد الطاهر ص 576، 577 الطبعة الأولى 2004 دار الفجر للتراث.
(12) عوارف المعارف، ص 80.
(13) اللمع، ص40.
(14) ورد في صحيح البخاري أن الحواريين سموا كذلك لبياض ثيابهم " كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ". دار ابن كثير، دمشق، 1993.
(15) نفسه ص 40-41. والجدير بالذكر أن الكلاباذي قد أشار إلى بعض التسميات التي أطلقت على الصوفية نسبة إلى أحوالهم أو مقاماتهم من مثل " غرباء "لخروجهم عن الأوطان، و " سياحون " لكثرة أسفارهم وسياحتهم في البراري، " وشكفتية " لإيوانهم إلى الكهوف عند الضرورة. والشكفت : الغار والكهف. وأهل الشام سموهم " جوعية " لأنهم ينالون من الطعام قدر ما يقيم الصلب للضرورة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه " و" فقراء " من تخليهم عن الأملاك. التعرف لمذهب أهل التصوف ص 29-30، على أن هذه التسميات لم تصمد كثيرا أمام مصطلح " الصوفي " لأنها من أبعاضه. وكلما عبر المصطلح عن المعنى تعبيرا أدق، أثبته التواطؤ والعرف ونفي غيره.
(16) ابن سعد، الطبقات، تحقيق : د. إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 2/16. رأي في اشتقاق كلمة صوفي، مجلة كلية الآداب، بغداد، ع5، سنة 1962، ص 239 ـ 240.
(17) رأي في اشتقاق كلمة صوفي، د. كامل مصطفى الشيبي ص 240.



المصدر: قسم الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elkhateb.rigala.net
 
حول كثرة تعريفات التصوف.
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أهمية التصوف
» التصوف وهل له علاقة بالتشيع؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أبناء الشيخ محمد الخطيب النيدى :: مسائل تتعلق بالتصوف والصوفية-
انتقل الى: