أبناء الشيخ محمد الخطيب النيدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أبناء الشيخ محمد الخطيب النيدى

منتدى لنشر الصوفية الحقة من الكتاب والسنة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حقيقة الذبح لله والتفريق بين إهداء الثواب والشرك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 23
تاريخ التسجيل : 29/10/2009

حقيقة الذبح لله والتفريق بين إهداء الثواب والشرك Empty
مُساهمةموضوع: حقيقة الذبح لله والتفريق بين إهداء الثواب والشرك   حقيقة الذبح لله والتفريق بين إهداء الثواب والشرك Icon_minitimeالسبت أكتوبر 31, 2009 1:03 am

حقيقة الذبح لله والتفريق بين إهداء الثواب والشرك

س : يصطحب كثير من زوار قبور الأولياء والصالحين الذبائح المنذورة، فتذبح هذه الذبائح وتطهى ثم تفرق عند قبور هؤلاء الأولياء والصالحين، فهل هذا جائز شرعا؟
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه. وبعد، فالذَّبْح بالفتح : قَطْع الحُلْقومِ من باطنٍ عند النَّصيل، وهو موضع الذَّبح من الحَلْق. والذِّبْح بالكسر: اسم ما يُذْبَح من الأَضاحِي وغيرِهَا مِن الحَيوان، قال تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] (1).
وذبح الحيوان يكون في حلقه، أو في لَبَّته، إن كان مقدورًا عليه، أو بأي عَقْرٍ مُزهِق للروح إن لم يكن مقدورًا عليه، كصيد(2). فحصل أنه لابد أن يكون مقتولا بأحد ثلاثة طرق هي : الذبح، أو النحر، أو العقر.
فأما الذبح، فهو: قطع الحلق –أعلى العنق- من الحيوان. ويحصل ذلك بقطع الحُلقُومِ - وهو مجرى النَّفَس- والمَرِيءِ - وهو مجرى الطعام- والعرقَين اللذَين يحيطان بهما - ويسميان الوَدَجَين- فإنه بقطع الأربعة يحصل الذبح الشرعي، وإذا استوعب الذابح بالقطع الحلقومَ والمريءَ فقط صحّ الذبح على الراجح؛ لأن الحياة لا تبقى بعد قطعهما عادة.
وأما النحر، فهو: قطع لَبّة الحيوان - وهي الثُّغرة بين التُّرقُوَتَين أسفلَ العنق - بأن يحصل قطع الأربعة السابقة أو الحلقوم والمريء منها من جهة اللبة كالذبح، وذهب المالكية إلى أن النحر يكون بالطعن في اللبة طَعنًا مُفضِيًا للموت دون اشتراط قطع شيء من المجاري الأربعة على المشهور من مذهبهم، والأفضل أن يختص النحر بالإبل وكل ما طال عنقه من الحيوانات مأكولة اللحم، بينما يختص الذبح بما قصر عنقه منها، كالبقر والغنم وما شابه. وكلاهما - الذبح والنحر- تذكية مسنونة؛ فيقوم أحدهما مقام الآخر، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا إن الذكاة في الحلق واللبّة»(3).
وأما العقر (وهو ما يسمى بذكاة الضرورة) : فهو جرح الحيوان، بمعنى جرحه جرحًا مُزهِقًا للروح في أيِّ جهة من جسمه، وهو تذكية الحيوان المأكول إذا ندَّ (نَفَرَ)، ولم يقدر صاحبه عليه، كما أنها تذكية الحيوان الذي يُراد اصطياده، أما المقدور عليه فلا يُبَاح إلا بالذبح والنحر إجماعًا. وإذا أزهقت روح الحيوان بغير ما ذُكِرَ كان مَيْتَة لا يجوز أكل لحمه.

الذبح والعبادة :
الذبح قد يكون عبادة إذا أراد المسلم به التقرُّب إلى الله عز وجل كما في الأضحية، والعقيقة، والنذر؛ لذلك اعتنى الإسلام بجانب الإخلاص فيها، وأولاه أهمية كبيرة، قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، قال الطاهر ابن عاشور: «أفادت اللام من قوله : {لربك} أنه يخُص الله بصلاته فلا يصلي لغيره. ففيه تعريض بالمشركين بأنهم يصلون للأصنام بالسجود لها والطواف حولها. وعطف {وَانْحَرْ} على {فَصَلِّ لِرَبِّكَ} يقتضي تقدير متعلِّقه مماثلاً لمتعلِّق {فَصَلِّ لِرَبِّكَ} لدلالة ما قبله عليه، فالتقدير : وانحر له. وهو إيماء إلى إبطال نحر المشركين قربانًا للأصنام.
وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162] قال الطبري في تفسير هذه الآية : «حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد: {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي}، قال: النسك، الذبائح في الحج والعمرة» (4). قال الزبيدي: «أَصْلُ النُّسك: الذَّبِيحَةُ»(5). يقال: «من فعل كذا فعليه نُسُك، أي: دم يريقه»(6).
فقد وقف الإسلام موقفًا حاسمًا في هذه القضية، فأعلن النكير على ممارسات الجاهليين الذين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها من دون الله؛ لذلك حرَّم الله عز وجل ما ذبح لغير الله، قال تعالى : {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173] قال الطبري في تفسير الآية: «وأما قوله: {وَمَا أهِلَّ به لغير الله}، فإنه يعني به: وما ذُبح للآلهة والأوثان يُسمى عليه بغير اسمه، أو قُصد به غيرُه من الأصنام. وإنما قيل: {وما أهِلَّ به}؛ لأنهم كانوا إذا أرادوا ذبح ما قرَّبوه لآلهتهم، سموا اسم آلهتهم التي قربوا ذلك لها، وجَهروا بذلك أصْواتَهم، فجرى ذلك من أمرهم على ذلك، حتى قيل لكل ذابح، سمَّى أو لم يُسمِّ، جهر بالتسمية أو لم يجهر ... حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد -وسألته عن قوله الله: {وما أهلّ به لغير الله}- قال: ما يذبح لآلهتهم، الأنصابُ التي يعبدونها أو يسمُّون أسماءَها عليها. قال: يقولون: (باسم فلان)، كما تقول أنت: (باسم الله) قال، فذلك قوله: {وما أهلّ به لغير الله}»(7).
وقال الطاهر ابن عاشور: «كانت العرب في الجاهلية إذا ذبحت أو نحرت للصنم صاحوا باسم الصنم عند الذبح، فقالوا: باسم اللات أو باسم العزَّى أو نحوهما، وكذلك كان عند الأمم التي تعبد آلهة إذا قربت لها القرابين، وكان نداء المعبود ودعاؤه عند الذبح إليه عادة عند اليونان كما جاء في «الإلياذة» لهوميروس». فأُهِلَّ في الآية مبني للمجهول، أي: ما أَهَلَّ عليه المهل غير اسم الله، وضمن (أهل) معنى تقرب فعدي لمتعلقه بالباء وباللام مثل تقرب، فالضمير المجرور بالباء عائد إلى: {ما أهل}، وفائدة هذا التضمين تحريم ما تقرب به لغير الله تعالى سواء نودي عليه باسم المتقرب إليه أم لا، والمراد بغير الله الأصنام ونحوها»(Cool.
قال الإمام النووي في شرح حديث: (لعن الله من ذبح لغير الله ) «أما الذبح لغير الله؛ فالمراد به أن يذبح باسم غير الله تعالى، كمن ذبح للصنم أو الصليب أو لموسى أو لعيسى أو للكعبة ونحو ذلك، فكل هذا حرام، ولا تحل هذه الذبيحة سواء كان الذابح مسلمًا أو نصرانيًّا أو يهوديًّا .. فإن قصد مع ذلك تعظيم المذبوح له غير الله تعالى والعبادة له كان ذلك كفرًا»(9).

التفريق بين الشرك والتوحيد في مسألة الذبح :
قد يخلط بعضهم بين صورة الذبح لغير الله عبادة لغير الله تعظيما له وتقربا منه، وبين اصطحاب بعض المسلمين عند زيارة قبور الأولياء والصالحين الذبائح المنذورة، وذبحها وتفريقها عند قبور الأولياء والصالحين، ولا يتقربون بهذه الذبائح إلى الولي الصالح، وإنما يريدون به أن يصل ثواب الذبيحة للميت، أي: يذبح عنه، ولا يذبح له يتقرب إليه، لأن هذه نيته ومقصده، وقد يعبر برغبته في وهب ثواب الذبيحة أو الصدقة لهذا الصالح بتعبير موهم، فلا يجوز التسرع بمجرد رؤية هذا التعبير باتهام المسلمين بالكفر وأنهم يعبدون هؤلاء الأولياء، خاصة وقد ورد مثل هذا التعبير الموهم عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم، فعَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَـالَ : يَـا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّ سَعْدٍ مَاتَتْ ، فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْمَاءُ» ، فَحَفَرَ بِئْرًا، وَقَالَ : هَذِهِ لأُمِّ سَعْدٍ.(10) وعلى ذلك فالنذر والذبح للأولياء والصالحين بهذا المعنى الذي يقصده الناس صحيح وليس شركًا كما يُرَوِّجُ البعض، ولا ينافي التوحيد وإخلاص العبادة لله تعالى.
وقد فرق أئمة أهل العلم بين الشرك والتوحيد في هذه الأمور، من ذلك ما نقله النووي في المجموع عن الإمام الرافعي، فقال : «قال الرافعي: واعلم أن الذبح للمعبود وباسمه نازل منزلة السجود، وكل واحد منهما من أنواع التعظيم والعبادة المخصوصة بالله تعالى الذي هو المستحق للعبادة، فمن ذبح لغيره من حيوان أو جماد كالصنم على وجه التعظيم والعبادة لم تحل ذبيحته وكان فعله كفرًا كمن يسجد لغير الله تعالى سجدة عبادة، فكذا لو ذبح له أو لغيره على هذا الوجه.
(فأما) إذا ذبح لغيره لا على هذا الوجه بأن ضحَّى أو ذبح للكعبة تعظيما لها؛ لكونها بيت الله تعالى أو لرسول الله صلى الله عليه وسلم لكونه رسول الله فهو لا يجوز أن يمنع حل الذبيحة وإلى هذا المعنى يرجع قول القائل: أهديت للحرم أو الكعبة، ومن هذا القبيل الذبح عند استقبال السلطان؛ لأنه استبشار بقدومه نازل منزلة ذبح العقيقة لولادة المولود، ومثل هذا لا يوجب الكفر وكذا السجود للغير تذللا وخضوعا لا يوجب الكفر وإن كان ممنوعا وعلى هذا فإذا قال الذابح: باسم الله واسم محمد وأراد أذبح باسم الله وأتبرك باسم محمد فينبغي أن لا يحرم، وقول من قال: لا يجوز ذلك يمكن حمله على أن اللفظة مكروهة؛ لأن المكروه يصح نفي الجواز والإباحة المطلقة عنه»(11).
فلا ينبغي علينا أن يتسرع أحدنا بالحكم على هؤلاء بالشرك؛ لأن الشرك يحصل إذا اعتقد الشخص النفع الذاتي في غير الله أو القدرة الذاتية على الضرر، وصرف عبادة لغيره سبحانه، فينبغي أن نحسن الظن بهؤلاء؛ لأنه قد وقع اتفاق الأمة على أن المسلم إذا عمل عملا يحتمل الكفر من تسعة وتسعين وجهًا، ثم هو يحتمل الإيمان من وجه واحد، وجب الأخذ بهذا الوجه الإيماني وحده، وإسقاط اعتبار بقية الوجوه. قال ابن عابدين: «لَا يُفْتَى بِكُفْرِ مُسْلِمٍ أَمْكَنَ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَحْمَلٍ حَسَنٍ أَوْ كَانَ فِي كُفْرِهِ خِلَافٌ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ رِوَايَةً ضَعِيفَةً»(12).
والتكفير مسألة فقهية، بمعنى أنها حكم شرعي يوصف به فعل من كان مكلفا بالشرع، قال الغزالي - رضي الله عنه- في الاقتصاد: «إن هذه مسألة فقهية، أعني الحكم بتكفير من قال قولاً وتعاطى فعلاً، فإنها تارة تكون معلومة بأدلة سمعية وتارة تكون مظنونة بالاجتهاد، ولا مجال لدليل العقل فيها البتة، ولا يمكن تفهيم هذا إلا بعد تفهيم قولنا : إن هذا الشخص كافر والكشف عن معناه، وذلك يرجع إلى الإخبار عن مستقره في الدار الآخرة وأنه في النار على التأبيد، وعن حكمه في الدنيا وأنه لا يجب القصاص بقتله ولا يمكن من نكاح مسلمة ولا عصمة لدمه وماله، إلى غير ذلك من الأحكام»(13).
وبما ذُكر نعلم أن ما يفعله بعض المسلمين عند قبور أولياء الله الصالحين من توزيع الذبائح عند قبورهم لإطعام أحباب هذا الولي أو غيره، وأن قول أحدهم هذا للحسين رضي الله عنه -مثلا- تُخَرّج على قول سيدنا سعد : هذه لأم سعد، ولا تعد هذه الأمور كلها من الذبح لغير الله الذي يكفر فاعله، فلا يكفر المسلم بفعل ذلك إلا إذا كان يقصد العبادة والتقرب من غير الله بهذا الذبح، نسأل الله السلامة.

والله تعالى أعلى وأعلم.



المصادر والمراجع:
---------------------------
1- الاقتصاد في الاعتقاد، الإمام الغزالي، بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى سنة 1403هـ / 1983م.
2- تاج العروس من جواهر القاموس، مرتضى ، الزَّبيدي، طبعة وزارة الأوقاف الكويتية.
3- التحرير والتنوير، الطاهر بن عاشور، تونس: دار سحنون للنشر والتوزيع، 1997م.
4- جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير، الطبري، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة : الأولى ، 1420هـ - 2000م
5- حاشية ابن عابدين المسماة رد المحتار على الدر المختار، دار الكتب العلمية.
6- سنن أبي داود، تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر.
7- المجموع شرح المهذب، محي الدين بن شرف النووي ، القاهرة: المطبعة المنيرية.
8- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي ، أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي، بيروت: دار الكتب العلمية.




الهوامش:
---------------------------
(1) تاج العروس مادة (ذ ب ح).
(2) تحفة المحتاج شرح المنهاج ابن حجر الهيتمي دار إحياء التراث العربي – القاهرة .
(3) سنن الدارقطني علي بن عمرو الدارقطني دار المعرفة - بيروت
(4) جامع البيان، الطبري 12/284
(5) تاج العروس مادة (ن س ك).
(6) المصباح المنير للفيومي مادة (ن س ك)
(7) جامع البيان، الطبري 3/319
(Cool التحرير والتنوير 2/120
(9) المجموع للنووي 8/385
(10) رواه أبو داود 1/526
(11) المجموع للنووي 8/385
(12) رد المحتار على الدر المختار 4/229، 230
(13) الاقتصاد في الاعتقاد ص 155



المصدر: قسم الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elkhateb.rigala.net
 
حقيقة الذبح لله والتفريق بين إهداء الثواب والشرك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أبناء الشيخ محمد الخطيب النيدى :: مسائل تتعلق بالتصوف والصوفية-
انتقل الى: